Meniti Jalan Menuju Jannah Firdaus-Nya

Senin, 27 Maret 2017

النميمة, آفة من آفة اللسان


المناظرة العربية
النميمة, آفة من آفة اللسان



بإعداد الطالبة:
عاتكة فطرة و حسنى أماني


تحت إشراف:
الأستاذة يويون الحافظة
الأستاذة حنينة الشهادة




المعهد العالي للدراسات الإسلامية
هداية الرحمن
فيلانج – ماساران – سراجين
2016-2017

المقدمة
الحمد لله جعل المؤمنين إخوةيتعاونون بينهم على البروالتقوى ويحترم كل واحدمنهم الآخرفينفسهوماله وعرضه فكل المسلم على المسلم حرام، كما قال ذلك النبي الصطفى وأشهدأن لاإله إلاالله وحدهل اشريكلهربالأرض والسماء،وأشهدأن محمداعبده ورسوله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البروالوفاء،وعلى التابعين لهم بإحسان ماتتابعالقطروالندى،وسلم تسليما.
أمابعد:
أخواتي في الله..
لا شك أن الله تعالى منح الإنسان نعما عظيمة, ومن أعظمها بعد الإسلام: نعمة النطق باللسان, وهذا اللسان سلاح ذو حدين: فإن استخدم في طاعة الله, كان هذا شكرا لله على هذه النعمة. وإن استخدم في طاعة الشيطان, كان هذا هو المحرم على كل مسلم فعله وكان كفرانا لهذه النعمة العظيمة.
ياأيتها المستمعات..
أوصيكن وإياي نفسي بالتقوىالله والحفظ بألسنتنا,فإنحصائداللسانهلكالإنسان. قال الله تعالى:(ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).ولقد شاع في كثير من الناس أخلاق سيئة من حصائد اللسان فكثير من الناس لا يبالون بالكذب ولا يهتمون به ولم يحذرون من قول النبي r: (إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا). هؤلاء الذين ينقلون للناس ما يكفرون به من أوهام لا حقيقة لها ربما يكون في كلامهم إلقاء في العداوة والبغضاء بين المسلمين فتفرق الجماعة من أجل أمور وهمية وظنون كاذبة.
أخواتي في الله أرشدكن الله..
لقد شاع بين كثير من المسلمين داء عظيم لكن السلامة منه يسيرة على من يسرها الله عليه, ولقد انتشر بين بعض الناس داء النميمة وهي أن ينقل الكلام بين الناس فيذهب إلى شخص ويقول قال فيك فلان كذا وكذا لقصد الإفساد وإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين, وهذه هي النميمة التي هي من كبائر الذنوب ومن أسباب عذاب القبر وعذاب النار. قال النبي r:(إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أي في أمر شاق تركه عليهما أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)
من أجل ذلك, في هذه المقالة المناظرة العربية سنبحث لكن عن هذا الداء, ألا وهي"النميمة". وأما حطة البحث التي سنقدم لكن فيما يأتي:
1.    تعريف النميمة والنمام
2.    الفرق بين النميمة والغيبة وأمثلتهما
3.    حكم النميمة
4.    الأدلّة على تحريم النميمة
5.    الدوافع الباعثة على الوقوع في النميمة
6.    آثار النميمة
7.    الترهيب من الوقوع في النميمة
8.    علاج النميمة
9.    ما ينبغي لمن حملت إليه النميمة
10.                       مايباح من النميمة
وقفني الله وإياكن لمحاسن الأخلاق وصالح الأعمال وجنبنا مساوئ الأخلاق ومنكرات الأعمال وهدانا صراطه المستقيم إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا 

المبحث الأول: التعريف النميمة والنمام

أ‌.       النميمة
1.    لغة:نمّ – ينمّ - نمّا[1]
·       النمّ, رفع الحديث إشاعة له وإفسادا وتزيين الكلام بالكذب[2]
·       النميمة, هو صوت الكتابة, و وسواس همس الكلام
2.    اصطلاحا:
أما معنى النميمة في الإصطلاح الشرعي فلها معنيان:أحدهما خاص,وهو نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم[3].والآخر عام,وهو:كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول عليه أو غيرهما, و سواء أكان المنقول قولا أو فعلا, وسواء كان عيبا أم لا, أم لم يكن.               
وليس من النميمة بمعنى الخاص, وهي معنى العام, نقل الكلام أو الحديث على جهة الإصلاح كالتقريب بين متخاصمين مثلا, وكما إذا رأى من يعتدي على مال غيره بسرقة, أو اختلاس, وشهد به مراعة لحق المشهود عليه ويعرف هذا في اللغة باسم الإنماء, وقد جاء في الحديث قوله r: ليس الكذاب من أصلح بين الناس, فقال خيرا, أو نمى خيرا[4]
ب‌.  النمام
هو الذي ينقل الحديث بين الناس على جهة الإفساد. والنمام أشد خطرا من المغتاب, حيث إن النميمة توقع بين الناس العداوة والبغضاء, وتقطع الأرحام, وتوغر الصدور, وتعكر صفو النفوس.[5]

المبحث الثاني: الفرق بين النميمة و الغيبة وأمثلتهما

أن بين النميمة والغيبة عموما وخصوصا وجيها,أي أن كل نميمة غيبة, وليس كل غيبة نميمة, فإن الإنسان قد يذكر عن غيره ما يكرهه, ولا إفساد فيه بينه وبين أحد, وهذا غيبة, وقد يذكر عن غيره ما يكرهه وفيه إفساد, وهذا غيبة, ونميمة معا[6]
ومن أمثلة النميمة, كأن تقولين لأختك: قالت فلانة فيك كذا وكذا وهي تكرهك ولا تحبك, وتقولين أيضا لفلانة فيما أختك لقصد الإفساد بينهما.
أما أمثلة الغيبة, كذكر شخصة أختها بما تكره في حال غيبتها بدون قصد الإفساد.والله أعلم

المبحث الثالث: حكم النميمة

أما حكم النميمة هو حرام بإجماع المسلمين وهي كبيرة من كبائر الذنوب, وقد تظاهرت على تحريمها الدلائل الشرعية من الكتاب والسنة[7].

المبحث الرابع: الأدلّة على تحريم النميمة

1.    تحريم النميمة من كتاب الله تعلى:
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
-       "وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١"[8]
ففي هذه الآيات ورد ذكر النمام بأبشع صورة حيث إنه: كثير الحلف لعلمه بكذبه, وهو كذلك مهين لا يحترم نفسه عكس العزيز, وأما الهماز هو المغتاب للناس,وكذلك يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم وعلاقاتهم, وهذا معنى مشاء بنميم.[9]
-       "وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ١"[10]
ويلٌ هو الوادى يسيل من صديد أهل النار وقيحهم[11]. عن ابن عباس, أنه سئل عن قوله: "وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ١". قال: هو المشّاء بالنميمة, المفرّق بين الجمع, المغرى  بين الإخوان.[12]
-       "وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ ٤"[13]
قال بعض المفسرين: والمقصود بالحطب في الآية السابقة: هي النميمة, وإنما سميت النميمة حطبا لأنها سبب لإشعال نار العداوة بين الناس,فصارت بمنزلة الحطب الذي يوقد به النار.[14]
2.    تحريم النميمة من السنة المباركة
عن عبد الله بن مسعود, قال: إن محمدا r قال: "ألا أنبئكم ما العضه[15]؟ هي النميمة القالة بين الناس". فلو لم يكن في ذم النميمة إلا هذا الحديث لكفى بهذا ذما.

المبحث الخامس : الدوافع الباعثة على الوقوع في النميمة[16]

الأمور التي تساعد على النميمة:
1)    البيئة  المحيطة القريبة كانت أو بعيدة
فقد ينشأ الإنسان في بيئة دأبها الإفساد والوقيعة بين الناس, فيأخذ فس الأثر بها, ومحاكاتها, ولا سيما إذا لم يكن قد توفرت لديه الوقاية والحصانة اللازمة لحمايته من مثل هذه الآفات, ولا فرق بين أن تكون هذه البيئة قريبة أو بعيدة إذ الكل له دور كبير في حياة المرء على وجه العموم, والناشئة على وجه الخصوص.
2)    الحسد أو محبة الشر والسوء للناس
وقد يكون الحسد أو محبة الشر والسوء للناس مداعاة للوقيعة والإفساد, على نحو ما جاء عن حماد بن سلمة إذ قال:"باع وجل عبدا, وقال للمشتري: ما فيه عيب إلا النميمة, قال: قد رضيت, فاشتراه, فمكث الغلام أياما, ثم قال لزوجه مولاه: إن سيدي لا يحبك, وهو يريد أن يتسرى عليك, فخذي الموسى, واحلقي من شعري قفاه عند نومه شعرات حتى أسحره عليها, فيحبك, ثم قال للزوج: أن امرأتك اتخذت خليلا, وتريد أن تقتلك, فتناوم لك حتى تعرف ذلك, فتناوم لها, فجاءت المرأة بالموسى, فظن أنها تريد قتله, فقام إليها فقتلها, فجاء أهل المرأة فقتلوا الزوج, ووقع القتال بين القبيلتين"[17]
ولهذا السبب وغيره جاء الأمر بالإستعاذة بالله من شر الحسد, إذ يقول سبحنه وتعالى:(قل أعوذ بربّ الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد)
3)    عدم قيام الأمة بواجبها نحو النمام بل استحسان عمله هذا
وقد يكون عدم قيام الأمة-حكما ومحكومين- بواجبها نحو النمام من تكذيبه, وزجره, وتخويفه, بل استحسان الأمة لمثل هذا العمل, قد يكون سببا من الأسباب اتي تؤدي ألى الوقوع في آفة النميمة.
وقد وعى السلف واجبهم نحو النمامين. فقطعوا الطريق عليهم بأداء هذا الواجب:" هذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز يدخل عليه وجل, فيذكر له عن رجل شيئا, فيقول له أمير المؤمنين عمر:(إن شئت نظرنا إلى أمرك, فإن كنت كاذبا, فأنت من أهل هذه الآية: (إن جاءتهم فاسق بنبأ فتبينوا), وإن كانت صادقا, فأنت من أهل الآية: (هماز مشاء بنميم), وإن شئت عفونا عنك, فقال: العفو يا أمير المؤمنين, لا أعود إليه أبدا"
4)    نسيان الله والدار الآخرة
وقد يكون نسيان الله, وأنه القوي القهار الفعال لما يريد, المطلع على كل شيء, الجامع الناس ليوم لا ريب فيه, المجازي كلا بما فعل, كذلم نسيان الدار الآخرة, وما فيها من الأهوال والشدائد, أو السلامة والأمن, العذاب الدائم, أو النعيم المقيم, قد يكون هذا كله سببا في الوقوع في النميمة, وصدق النبي الكريم إذ يقول:"إن مما أدرك من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت"
5)    الغفلة عن العواقب الناشئة عن النميمة
وأخيرا قد تكون الغفلة عن العواقب الناشئة عن النميمة-كما سنعرف بعد قليل- هي السبب في الوقوع في هذه الآفة, إذ من لا يقدر عواقب الشيء, ولا سيما إذا كانت هذه العواقب وخيمة, فإنه يتجرأ عليه, وإن كان في تجرئه هذا الحلف والهلاك.

المبحث السادس: آثار النميمة[18]

وللنميمة آثر ضارة, وعواقب مهلكة على العاملين, وعلى العمل الإسلام, ودوانك طرفا من هذه الآثار, وتلك العواقب:
أ‌.          على العاملين
فمن آثار النميمة على العاملين:
1.      قسوة القلب
ذلك أن النميمة كغيرها من المعاصي والسيئات تسود القلب و تدنسه, فيصيبه المرض, ويظل هذا المرض يسرى فيه حتى يموت, فتكون القسوة, والويل كل الويل لمن قساقلبه كماقال سبحانه: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين)[19]
2.  نزع الثقة والهيبة من قلوب الناس
وتنتهي النميمة بصاحبها إلى نزع هيبته والثقة به من القلوب الناس, من باب أن من نم لك نم عليك, إذا نزعت هيبة المرء, وضاعت الثقة به من القلوب الناس احترقت كل أوراقه, ولم يبق له ما يعيش أو يحيا به بين الناس, فيكون  قد حكم على نفسه بالموت, وإن بدا أنه واحد من الأحياء
3.  الإفلاس
حدّثنا قتيبة, حدّثنا عبد العزيز بن محمد, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن ابيه, عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((أتدرون من المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له و لامتاع, قال رسول : ((المفلس من أمّتى من يأتى يوم القيامة بصلاته  و صيامه و زكاته, ويأتي قد شتم هذا, و قذف هذا, و أكل مال هذا, و سفك دام هذا, و ضرب هذا, فيقعد فيقتص هذا من حسناته و هذا من حسناته, فإن فنيت حسناته قبل أن يقتصّ ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم  فطرح عليه ثم طرح في النار)).[20]
4.  سلب الأموال و انتهاك الأعراض و سفك الدماء
ومن آثار النميمة على العاملين أيضا, سلب الأموال, وانتهاك الأعراض, وسفك الدماء, وقد مرت بنا قصة العبد النمام, و كيف حرض سيده على مولاته حتى قتلها, ثم قتل بأيدي أقاربها, واشتعلت الحرب بين الفرقين.
و من هذا الباب ما يقع لنفر من العاملين للإسلام على أيدي بعض الحكمات من انتهاك  للأعراض, و سلب للأموال, و سفك للدماء, حيث تعمل الوشاية, و النميمة عملها في اشعال أوار هذه الحرب, ولو كان التثبت أو التبين لحقيقة ما يقوله هؤلاء النمامون والوشاة لما كان شيئ من ذلك.
5.  التعرض لغضب الله وسخطه الموجبين للنار
وأخيرا فإن النميمة تنتهي بصاحبها إلى التعرض لغضب الله وسخطه الموجبين للنار, فضلا عن عقاب الدنيا, إذ يقول سبحانه: (ولايحق, المكر السيء إلى بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا)[21]
ب‌.    على العمل الإسلامي
ومن آثر النميمة على العمل الإسلامي:
1.       الفرقة و التمزق
وذلك أن سماع النميمة إذا لم يكن معه تقوى الله, يؤدي إلى سوء الظن, ثم التجسس و تتبع العورات, ثم الغيبة, ثم التقاطع, أو الفرقة و التمزق, الأمر الذي يكون سببا في ذهاب ريحانا وطمع الأعداء فينا, على النحو الذي نعيشه نحن المسلمين اليوم على كل المستويات الداخلية, والخارجية, الشعيبة والقيادية, الفردية والجماعة, وصدق الله الذي يقول: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد نا جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)[22]
2.    فتح الطريق أمام الناشئة وضعاف النفوس أن يقعوا في هذه الآفة
وأخيرا, فإن شيوع النميمة في الأمة يفتح الطريق أمام الناشئة, وضعاف النفوس أن يقعوا في هذه الآفة حينئذ تتسع أسباب الفرقة و التمزق, ويكون العذاب الأليم.[23]

المبحث السابع : الترهيب من الوقوع في النميمة[24]

1)    إنه من أشر الناس
حدثنا عبد الله, حدثنا داود بن عمرو الضبي, حدثنا داود العطار, عن ابن خثيم, عن شهر بن حوشب, عن أسماء بنت يزيد, أن رسول الله r قال: ألا أخبركم بشراركم؟. قالوا: بلى. قال المشاؤون بالنميمة, المفسدون بين الأحبة, الباغون للبراء العنت[25]
2)    النمام ذو وجهين
النمام كما نقل إليك سينقل غدا عنك, وهذا حال ذو الوجهين. وقال ابن حجر: (وهو من جهة صورة النمام, وإنما كان ذو الوجهين أشر الناس لأن حاله حال المنافق)
عن عمار t قال: قال رسول الله r:( من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من النار[26]).فهذا جزاؤه يوم القيامة, ولا يظلم ربك أحدا.
فذو الوجهين مداهن, ماكر,مهين, لئيم, منحط الأخلاق, خبيث الطبع لأنه ينقل الأخبار الكاذبة بين الناس فيزيد الجفاء والنفور ويغرس الأحقاد, فتشتغل نار العداوة والبغضاء بينهم, لذا فهو شر عباد الله كما وصفه النبي بأنه: شر عباد الله, لأنه يمشي بالنميمة ويفرق بين الأحبة.
وفي هذا إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته, وكيف لا يبغض؟ وهو لا ينفك عن الغيبة والكذب والخيانة والنفاق والإفساد بين الناس.
3)    النمام سيعذب في القبر
حدثنا أبو سعيد الأشج وأبو كريب محمد بن العلاء وإسحاق بن إبراهيم حدثنا الأعمش, قال سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس, عن ابن عباس, قال: مر رسول الله  r على قبرين. فقال:"أما إنهما ليعذبان. وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة. وأما الأخر فكان لا يستتر في بوله"قال فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين. ثم غرس على هذا واحدا, وعلى هذا واحدا. ثم قال: "لعله أن يخفف عنهما. ما لم ييبسا"[27]. والمراد من قوله:" وما يعذبان في كبير", ليس بكبير تركه عليهما, أو ليس كبير في زعمهما, ولهذا في رواية أخرى: "بلى إنه كبير"
4)    النمام لا يدخل الجنة
وكفى بالنمام ذما أن يحرم دخول الجنة بداية من الدخلين, فيكون هدا الوعيد زاجرا له عن هدا الخلق والصفة الذميمة المرذولة.
فقد أخرج البخاري من حديث حذيفة, أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث,فقال حذيفة:سمعت رسول الله r يقول: "لا يدخل الجنة نمام"[28]
ولابد من هذا التأويل, لأنه موافق لعقيدة أهل السنة والجماعة, حيث لايكفّرون أحدا من أهل القبلة بذنب ما لا يستحلّه, بخلاف الخوارج الذين يستدلون بمثل هذه الأحاديث على تكمير مرتكب الكبيرة. يقول الحافظ ابن حجر كما في "فتح الباري":( لا يدخل الجنة أي في أول وهلة, كما في نظائره)[29]

المبحث الثامن: علاج النميمة[30]

قد وقفنا على أسباب وبواعث النميمة, وادركناآثرها الضارة, وعواقبها الوخيمة, فإنه يسهل أن نرسم طريق الوقاية, والعلاج,وتتلخص في الخطوات التالية:
1.    المبادرة بعدم تصديق النمام, بل زجره, وتخويفه الله والدار الآخرة, فإن ذلك مما يقطع الطريق على النمام, ولايجعله يستمرئ أو يتمادى, ويوقن المسلم أن مثل هذه الخطوة من باب (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر).
2.    بغض النمام في الله بغضا ينعكس على السلوك, وعلى طريقة المعاملة, فإن ذلك له أثر كثير في الإقلاع عن هذه الآفة, ولا سيما عند من لديهم بقية من خير أو ذرة من نور.
3.    تربية ملكة تقوى الله, ومراقبته في النفس, فإن هذه الملكة لها دور كبير في التخلص من العيوب والآفات ومن بينهما النميمة, ثم التحلي بالفضائل والمنجيات.
4.    نقاء الوسط الذى يعيش فيه النمام, سواء أكان قريبا كالبيت, أم بعيدا كالمجتمع, فإن المرء ابن بيئته, وكم من أناس طهرت قلوبهم, وزكت جوارحهم واستقاموا على الطريق, بسبب عيشهم في وسط نقي نظيف.
5.    اليقين التام بأن ما عند الله لا ينال بالمعصية, والوقيعة أو الإفساد بين الناس, وإنما ينال بالطاعة والاستقامة, (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشدّ تثبيتا وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما)[31]
و سوف نعرف أنّ تعالج النّميمة بما تعالج به الغيبة, وهو إما إجماليّ بأن يعلم النّمّام أنه قد تعرض بها لسخط الله تعالى وعقوبته وأنها تحبط حسناته, وبأن يتدبر المرء في عيوبه و يجتهد في التطهر منها, وأن يعلم أن تأدّي غيره بالغيبة أو بالنميمة كتأديه بها,فكيف يرضى لغيره ما يتأدى به؟
وأما التفسصليُّ فيتلخص في النظر في بواعثها فتقطعها من الأصل, إن علاج العلة إنما يكون بقطع سببها,وألا يعتقد المرء في اخيه سوءا, وأن يبادر إلى التوبة و شروطها..."[32]

المبحث التاسع: ما ينبغي لمن حملت إليه النميمة[33]

قال لإمام النووي: ((وكل من حملت إليه نميمة, وقيل له: فلان يقول فيك, أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور:
الأول: أن لايصدّقه, لأن النّمام فاسق
الثاني: أن ينهاه عن ذلك,وينصحه, ويقبّح له فعله
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى, فإنه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من أبغضه اللهتعالى
الربع: أن لايظن بأخيه الغائب السوء
الخامس: أن لا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك
السادس: ما لا يرضاه من هذا النمام فلا يفعله هو
بمعنى أنه لا ينقل ما نقل إليه دون تثبت, حتى لا يقع فيما وقع فيه هذا النمام فيكون مثله

المبحث العاشر: مايباح من النميمة

قال الإمام النواوي رحمه الله: "فإذا دعت حاجة إلى النميمة فلا مانع منها وذلك كما إذا أخبره أن انسانا يريد الفتك به, أو بأهله أو بماله, أو اخبر الامام أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا و يسعى بما فيه مفسدة, و يجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك و إزالته, فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام, و قد يكون بعضه واجبا و بعضه مستحبا على حسب المواطن, والله اعلم.[34]

المصادر

·        ابن حجر العسقلاني, 1424 ه/ 2004 م, فتح الباري, دار الحديث
·        أبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة, 1429 ه/2009 م,سنن الترمذي, لبنان, دار الفكر
·        أحمد, 1997 م, المنوّر
·        الإمام محي الدين أبى زكريّا يحيا بن شرف النّووى, 1422 ه/ 2001 م,صحيح المسلم بشرح النّووى, القاهرة, دار الحديث    
·        الإمام مسلم, 1431ه/2011م, صحيح مسلم, لبنان, دار الكتب العلمية
·        جامع البيان
·        جلال الدين السيوطى, 1424ه/2003م, الدر المنثور, مركز للبحوث والدراسات العربة والإسلامية
·        الذهبى, الكبائر,دار ابن خلدون
·        سعيد بن على بن وهف القحطانى,1431 ه, آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة
·        السيد محمد نوح, 1407 ه/1987م, آفات على الطريق, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع
·        الفيروز آبادي, 1434 ه/2013 م,القاموس المحيط, لبنان, دار الكتب العلمية
·       ندأ أبو أحمد, آفات اللسان


[1],أحمد, المنوّر,1997 م,ص1466
[2]الفيروز آبادي, القاموس المحيط, دار الكتب العلمية, لبنان, الطبعة الرابعة: 1434 ه/2013 م, ص 1174
[3]النووىّ, صحيح مسلم بشرح النووىّ, دار الحديث, القاهرة, الطبعة الرابعة, 1422ه/2001 م, ج 8, ص 405
[4]الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الصلح: باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس 3/240
[5]ندأ أبو أحمد, آفات اللسان, ص 4
[6]السيد محمد نوح, آفات على الطريق, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع, 1407 ه/1987م, المجلد 3,ص 50
[7]الذهبى, الكبائر,دار ابن خلدون, ص 151
[8]سورة القلم الآية 10-11
[9]ندأ أبو أحمد, آفات اللسان, ص 6
[10]سورة الهمزة الآية 1
[11]جامع البيان,616
[12]جلال الدين السيوطى, الدر المنثور, مركز للبحوث والدراسات العربة والإسلامية,1424ه/2003م, المجلد 15, ص 646
[13]سورة المسد الآية 4
[14]ندأ أبو أحمد, آفات اللسان, ص 5
[15]العضه: فسّره في الحديث بأنه النميمة والقالة بين الناس. وروي (العضة) على وزة عدة وزنة, والعضة: الفرقة, والكذب (المعجم الوسيط:ص 607)
[16]السيد محمد نوح, آفات على الطريق, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع, 1407 ه/1987م, المجلد 3,ص 52-56

[18]السيد محمد نوح, آفات على الطريق, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع, 1407 ه/1987م, المجلد 3,ص57-61
[19]سورة الزمر الآية22
[20]أبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة,سنن الترمذي 189, 1429 ه/2009 م , لبنان, دار الفكر,المجلد 4, ص
189
[21]سورة فاطر الآية 43
[22]سورة آل عمران الآية 105
[23]السيد محمد نور,آفات على الطريق, المجلد 3,ص57-61
[24]ندأ أبو أحمد, آفات اللسان, ص 6-11
[25]أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/459
[26]أخرجه أبو داود, كتلب الأدب, باب في ذو الوجهين, برقم 4873
[27]مصدار السابق, ص 200
[28]الإمام مسلم, صحيح مسلم, دار الكتب العلمية, لبنان,الطبعة الثالثة, 1431ه/2011م, ج 1, ص99
[29]ابن حجر العسفلاني ,فتح الباري, دار الحديث, 1424 ه/ 2004 م, المجلد 10, ص 532
[30]السيد محمد نوح, آفات على الطريق, دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع, 1407 ه/1987م, المجلد 3,ص 61-62
[31]سورة النساء الآية 66-67
[32]ندا أبو أحمد, آفات لسان, المجلد 4, ص 17
[33]سعيد بن على بن وهف القحطانى, آفات اللسان, ص 36
الإمام محي الدين أبى زكريّا يحيا بن شرف النّووى,صحيح المسلم بشرح النّووى, المجلد 10,ص115      
0

0 komentar:

Posting Komentar